أستظلون عبيد تحتفلون بالعيد ؟!







هذه هى المرة الأولى التى لم أتردد فيها عن كتابة موضوع ما بخصوص حدث ما ...

قد أبدو بعد هذا السطر غامضاً و لكن هذه هى الحقيقة , منذ اللحظة التى اكتمل وعيي كإشتراكي تحرري أدركت أننا نغفل العديد من الأحداث المهمة فى حياتنا و التى نحتفل بها و هى فى الأصل إما مذابح أو إنكسارات أو تغيير للمواقف الإستراتيجية و التى سميت بالإنتصارات العظيمة ؛ لن أحصيها و لكننى سأذكر أهمها " اليوم العالمي للعمال " و الذى يختلط على الجميع هذه التسمية و يطلقون عليه " عيد العمال" .

يتحدث الكثير و الكثير من النقابيين ذوى البذات السوداء و رابطات العنق الحمراء و الكلمات المنمقة التى يخرجون علينا بها فى يوم مثل هذا اليوم لكي يذكروا العمال و الجماهير العريضة بتاريخ مهم فى حياة العمال و هو الأول من آيار/مايو و هو بالنسبة لهم " عيد العمال " الذى يأخذ فيه العمال إجازتهم السنوية من العمل و يتكئون على أرائكهم فى منازلهم و يقوموا يإحتساء الشاي و مشاهدة إحتفال الحكومة المزعوم بهذا اليوم . 

أما على الجانب الأخر فإن هناك العديد من شعوب العالم و قاطني هذا الكوكب أيضا " يعنى مش من بره المجره " يحتفلوا بهذا اليوم على طريقتهم و يضربوا و يقطعون السكك الحديدية و يوقفوا العمل بها كمثال بسيط " اليوم الأول من آيار/مايو  أعلنت المئات من النقابات و الحركات الثورية فى اليونان الإضراب رفضا لسياسيات التقشف  " هكذا كان الخبر حيثما قرأته و جعلنى أتحمس أيضا للكتابة و جعلنى حزيناً على ما أشاهده من هراء يحدث ممن يطلقون على أنفسهم اليساريين ذوى الميول الإشتراكية و الإشتراكية الثورية و الشيوعية و إحتفالهم بالعيد العمالي و هناك شعوب أخري تناضل فى مثل هذا اليوم .

لذلك قررت أن أتحدث بإستفاضة عن " اليوم العالمي للعمال " و أرجوكم أن تتحملوننى حتى نستطيع أن نري من الصواب و من المخطئ .

أولا : المنطلق الدارج بين النقابيين و السلطة و اليسار السلطوي :- 

إن الأول من آيار/مايو هو ليس إلا يوم عطلة و إحتفالية و يوم يخصص للمؤتمر الصحفى الإحتفالي الرئاسي مع النقابات العمالية التابعة للحكومة و التي دائما تنسى من هو العامل و يتقلد مناصبها الإداريين بالمصانع و الشركات ؛ و على الجانب الأخر المؤتمرات الجماهيرية " التى لا يحضرها أكثر من 300 شخص " التي تنظمها القوي اليسارية السلطوية الإنتهازية و النقابات المستقلة و هى صورة طبق الأصل للنقابات الحكومية و لكن مع طابع خاص لأنها تنتمي لإتحاد نقابات مستقلة يرأسه " كمال أبو عيطة " و الذي يعرف الجميع عنه أنه صاحب " السبوبة " الأول فى وسط العمال .

و هنا لا يتوقف الشارع عن السؤال ما هى بداية عيد العمال , و ما هي القصة الأصلية لهذا اليوم و أيضا لماذا نحتفل به كل عام , و مذا حدث فيه حتى نحتفل به أهو إنتصارا للعمل أم ماذا ؟! و للأسف لا  تستطيع تلك القوي الإجابة عن هذه الأسئلة البسيطة أو يجاوبون عليها برعونة مستخدمين الأرقام و الأماكن كهذه الإجابة البسيطة من أحد أعضاء تلك القوي " عيد العمال يوم 1 مايو علشان فى عمال نزلوا يتظاهروا فى أمريكا ضد السلطة و اضربوا بالنار و مات منهم كتير " , و عندما أستمع لتلك الإجابة تنتابني نوبة من " هيستيريا الضحك " و بسؤالي له ما تاريخ " يوم العمال العالمي , اليوم العالمي للعمال " ؟! يرد بحده " اسمه عيد العمال , انت بتقول يوم عالمي ليه " ؛ و أنظر إليه و أبتسم و أطلب منه أن يتحدث معي عن " يوم العمال العالمي " أو بمفهومه الماركسي " عيد العمال " قال لى أنه ذاهب إلى أعضاء حملته و التي لا أري منها فى الشارع إلا هو .

ثانيا : الحقيقة التاريخية و التى لا جدال فيها :-

البداية :- 

عندما أتحدث مع أحد العمال يقول لي " مش حتيجي تحتفل معانا ب " عيد العمال " " يكون ردي عليه بسيطا جدا بشرح له قصة " يوم العمال العالمي " فيرد مندهشا " قد إيه إحنا مضحوك علينا " , فكان هذا أيضا من أسباب حماستي لتوضيح الحقائق المنسية.

فى الأول من آيار/مايو لعام 1886 فى الولايات المتحدة الأمريكية حدثت المفاجأة الكبري حيث أعلن 5000 إضرباً عمالياُ و خرج 340.000 عامل للتظاهر ضد السلطة و لكن كانت " إلينوي, شيكاجو " هى صاحبة نصيب الأسد من الحراك العمالي آنذاك  حيث خرج العمال فى مسيرات حاشدة و كانت هتافاتهم بخصوص عدد ساعات العمل و كانت " ثماني ساعات للعمل , ثماني ساعات للراحة , ثماني ساعات للنوم "  ؛ و قد كان الداعم الأوحد و المتضامن و المشارك الأوحد فى تلك التظاهرات و الإضرابات العمالية  الأناركيون فى " إلينوي , شيكاجو " و كانوا متواجدين مع العمال حتى لحظة الغدر و الخيانة . 


الغدر الدامي :- 

فى الرابع من آيار/مايو 1886 و لليوم الرابع على التوالي من الإضرابات العمالية و المسيرات العمالية التى إجتاحت " إلينوي , شيكاجو "  قرر العمال بعقد إجتماع تفاوض عام مع السلطات , و قد وافقت السلطات و كان الإجتماع عام مع جميع العمال و قد حضر الإجتماع عمدة " شيكاجو " ,  و لكن أثناء الإجتماع غادر العمدة المكان و ذلك لعدم موافقته على مطالب العمال و لم تمر إلا دقائق معدودة من ثم تعاملت الشرطة بوحشية مع العمال لفض الإجتماع  و أثناء حالة الهلع التى حدثت لدي العمال أثناء ممارسات الشرطة القمعية , ألقيت قنبلة يدوية من ناحية الشرطة على العمال و كان وصف أحد العمال الناجيين من الحادث " عندما رأيت القنبلة فى الهواء , كانت الثواني تمر ببطء شديد لا أعلم لماذا , لكنني شعرت بأن نسراً ينقض على فريسته ببطء لكي يأكلها و الفريسة تشاهد و لكن لا تتحرك لكي تدافع عن نفسها أو على الأقل تهرب لتنجو بنفسها " , و بعد إنفجار القنبلة بدأ إطلاق الرصاص على العمال و توفي من العمال 4 و أصيب أكثر 70 عاملاُ و تم إلقاء القبض على  أكثر من 100 عامل من ضمنهم 8 مناضلين أناركيين , و على الناحية الأخري قتل 7 ضباط شرطة و لكن بالرصاص الذي أطلق على العمال أي أن زملائهم من قتلوهم بالخطأ و فى الإشتباكات مع العمال أصيب  60 شرطيا فقط  .

صورة لإعلان إجتماع التفاوض :

الإعلان الأول : 



الإعلان الثانى :




كتبت الصحف فى ذلك الوقت " العمال الفوضويون يتحدون عمدة شيكاجو " , و أيضا " شغب العمال يؤدي إلى وفاة 7 شرطيين أوفياء "  ؛ و كانت تلك العناوين أقل ما توقعه العمال و ذلك لأن تلك الجرائد و الصحف كانت مملوكة للرأسمالين فى ذلك الوقت و هم أصحاب المصانع و المناجم و المزارع . 

النتائج النهائية :-

بعد ذلك أحيل السبعة مناضلين الأناركيين إلى المحاكمة و ذلك لإتهامهم و إتهام العمال بأنهم هم من ألقوا القنبلة و هدفهم تشويه صورة الشرطة في شيكاجو , و كان القرار بإعدام ال 7 مناضلين الأناركيين و لكن بعد ذلك تم العفو عن إثنين و كان هذا العفو ما هو إلا  سجن مدى الحياة  أما بالنسبة للخمسة مناضلين المتبقين فقد كان الحكم بالإعدام هو نصيبهم  . 

صورة السبعة مناضلين الأناركيين و الذين لقبوا ب " شهداء الهايماركت " 



و هذه صورة لحجر وضع أسفل النصب التذكاري ل " شهداء الهايماركت الأناركيين " و قد كتب عليه "  سيأتي اليوم الذي يكون فيه صمتنا أقوي من أصواتكم التي تخنقوها اليوم " 



|و يذكر للرفاق الأناركيين الأربعة "  أوجست سبايس , أدولف فيشر , ألبرت بارسونز , جورج انجل " أنهم عندما تم أخذهم لإعدامهم طوال الطريق لم يتوقفوا عن غناء " المارسيلييز - نشيد ثوري من المارسيليين أثناء ذهابهم سيرا على الأقدام إلى باريس - "   

الأن و ماذا يحدث ؟! التفسير المنطقي : -

عندما وجدت حكومات العالم أجمع هذا اليوم  " يوم العمال العالمي " يوما يمثل نضال العمال و ذكري أليمة تحفزهم على التحرك من أجل حقوقهم و إستمراراُ لنضال أجدادهم العمال ؛ قامت الحكومات بما يسمي بقتل " يوم العمال العالمي " و إنشاء " عيد العمال ", و ذلك حتى يتناسي العمال حقوقهم و همومهم و يجلعونهم يجلسوا فى منازلهم يستمعوا إلى الراديو أو يشاهدوا التلفاز  و يبتسموا و هذا قد ينسيهم لماذا وجد هذا اليوم و لماذا كان نضال العمال الذين أصيبوا و أعتقلوا و قتلوا و أعدموا و ذلك حتى تأتي الطبقة العاملة الموجودة الآن لكي تكمل ما بدأوه و ليس من أجل أن تكون مستعبدة فكريا و ثقافيا و عمليا من الحكومات الموجودة بمختلف توجهاتها الإنتهازية .

و تستخدم الحكومات - بصورة غير مباشرة - اليسار الإنتهازي السلطوي فى مصر فى الإحتفال بهذا اليوم و تضييع حقوق العمال و جعل العمال يتناسوا همومهم الحقيقة و حقوقهم الواجب تنفيذها من السلطة إلي أن يسيطروا على المصانع و الشركات فى ثورتهم  , و جعلهم عنصرا خاملاُ فى مجتمع يدعو ذلك اليسار السلطوي فيه إلى " ديكتاتورية البلوريتاريا " فكيف تحفز هذا العامل على الثورة و تحتفل معه بعيد قتل فيه أجداده و زملائه و تجعله يتناسي قيمة و أهمية هذا اليوم و تقول أن العامل لايساعد ولا يقاوم  ؛ لا يا عزيزي إنك من لايقاوم و يساند العامل حتي يكون هذا العامل فى الصف الثوري الأول فكل همومكم هى الظهور و المتاجرة بألام و مشاكل العمال و ليس التضامن معهم لحلها . 

كلمة أخيرة لكل من يحتفل ب " عيد العمال " و ليس " يوم العمال العالمي " : 

أستظلون عبيد تحتفلون بالعيد , أم ستصبحون أحراراُ تقاتلون في يوم مقتل أجدادكم  من أجل حريتكم و سيطرتكم على مصانعكم و شركاتكم التي حقكم المشروع ؟؟؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رؤية تحليلة لمشهد النهاية فى مسلسل كـفـر دلـهـاب

طب و بعدين ...

الانس و الجنس