مجتمع متدين " فشخ "



فى وسط الظروف المنيلة التى تمر بها البلاد و الحراك الثورى بها ؛ يتلخص فى تلك
 التدوينة ما فى ذهنى كل ما يفعله العديد من أفراد المجتمع من تناقضات باسم الدين , ففى إحدى ليالى الصيف الصافية قررت التسكع فى شوارع الإسكندرية (على غير عادتى فى هذا الوقت من العام )  و خروجا من الأزقة إلى الكورنيش وجدت مكانا مريحا أمام البحر مباشرة فى منطقة جليم لأجد عائلة مكونة من رجل ملتحى يظهر على جبينه مداومته على الصلاة (( زبيبة الصلاة )) و زوجته المنقبة التى لا يظهر إلا عيناها و فتى صغيرا يرتدى جلباب أبيض يبدو أنه جديدا ,  قررت أن أجلس بعيدا قليلا عنهم لمتابعتهم فهى أول مرة أجد عائلة " متدينة " -- ظاهريا -- ؛ لقد رأيت هذا الرجل ينتفض من مجلسه ليرد على هاتفه الذى كان صوته مسموعا من على مسافة بعيدة لأجده يتحدث بنبرة صوت حادة و عالية قائلا " متسيبش ابن الوسخة اللى اسمه هادى دا إلا لما تصفى دمه أو يديك اللى أنت عاوزه " فابتسمت و تلى الإبتسامة ضحكة مكتومة و تذكرت الوسم (( الهاشتاج )) الذى كنت أدون فيه على " تويتر " #مجتمع_متدين ؛ بعدها بوقت قليل تناولت ما أحضرت معى من طعام و انتظرت حتى مبعاد عودتى إلى المنزل و النوم و ذلك لأنى بدأت التسكع بعد إنتهاء عملى , فأنتبهت إلى صوت ضحكات رجل و إمرأة يظهر عليهما مظاهر حداثة الزواج وكانا يجلسا بينى و بين الملتحى و عائلته  ؛ و قبل أن أتهيأ للركوب و العودة للمنزل رأيت الملتحى يتجه إيهما و ينظر نظرة حادة و كما يقال وصفا بالعامية " عينيه بتطق شرار " , دخل و ألقى السلام و رده الزوجان و قال للرجل " أنت شايف إن دا حلال مش مجاهرة بالمعصية , و أنت شايفة إن صوتك دا مش حرام الناس تسمعه و مش شايفة إن صوتك عورة .. نصيحة : اتقوا الله و بطلوا فسق و فجور علنى " , فرد الشاب بكل هدوء : " و أنت مال حضرتك ؟! " فرد الملتحى قائلا " دينى و ربى بيحثونى إنى لو شوفت منكر أغير بلسانى و بإيدى " فقاطعه الشاب قائلا : " برضه و أنت مال حضرتك ؟! " , ف سمحت لنفسى بالتدخل فى هذا الحديث لما رأيته من هذا الأحمق ذو اللحية من تدخل سافر فى حرية هذان الزوجان و استأذنت الشاب بالتدخل فى الحديث و قال لى " اتفضل اتكلم " , فواجهت الملتحى ب جملة بسيطة جدا " أنت إيه يضايقك فى اتنين بيحبوا بعض أو متجوزين أو حتى مخطوبين أو حتى اخوات او مفيش بينهم أى حاجة يقعدوا يضحكوا و بكركروا فى الشارع و حتى لو يغنوا ؛ إيه مضايقك فى كدا " رد الملتحى : " يعنى فسق و فجور و عصيان لله و المجاهرة بيهم فى الشارع , انتوا كفرة ولا إيه ؟! " , رديت : " و أنت إيه حشرك ولا عرفك إيه اللى بين الأتنين دول ؟! " قالى : " حب أستغفر الله العظيم , انتوا مكنتوش عايزين دولة إسلامية عشان تعيشوا فى كفر و فجور و عصيان طول الوقت " رديت : " قولتله أعقل كلامك قبل م تقوله , و شوف أنت بتتكلم ازاى و مع مين " , و من ثم مضيت فى طريق عودتى إلى المنزل ؛ و راودتنى بعض الأفكار (( لو كان الملتحى دا بص لإيد الشاب الشمال كان لقى خاتم دهب -- تصدقوا لو شافه كان حيقوله الدهب حرام -- )) , أما عندما وصلت إلى أقرب نفق لعبور طريق الجيش (( طريق البحر )) ؛ رأيت إمرأة منقبة تتحدث بصوت عالى فى هاتفها المحمول و بجوارها زوج من الرجال الأول شاب فى منتصف العشرينات و الأخر يظهر عليه أنه تجاوز العقد الخامس من العمر و لم أجد من أى منهما رد فعل ك " صوت المرأة عورة " أو " هذا فسق و فجور " , أيحلل هؤلاء القوم لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم ؟! , أم هو يراهم من منظور دينه فقط ف الحر كافر , و من يحب كافر و من يغنى أو يستمع إلى الموسيقى كافر , من يرفض السلطة أو يمقتها كافر ؛ لقد سئمت ووجود هذه الكائنات الفضائية فى مجتمعنا الذى يتظاهر بالتدين للحصول على مراده أو مصلحته سواء كانت صواب أو خطأ .. 
فى النهاية أريدكم أن تحكموا عقولكم قل أن تتفوهوا بما يضير غيركم من الكلام غير الموزون ؛ و تحترموا عقول و خصوصيات الأخرين .... فوتكوا بالعافية 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رؤية تحليلة لمشهد النهاية فى مسلسل كـفـر دلـهـاب

طب و بعدين ...

الانس و الجنس