شمس الوطن



يتسأل فى هدوء منتظرا إجابتها
هو : عزيزتى  ، هل يمكن أن نتجاوز ما مررنا و نمر به من أوجاع تختلج صدورنا ؟؟؟

صانعة البهجة : نعم يا عزيزي يمكننا ذلك .. شرط أن نجد ما يدفعنا لتجاوز ما مضى ...  
هو : و ما الذى سيدفعنا لتجاوز ذلك المعبر المكتظ بجنود الإحتلال ؟!
ما الذى سيجعلنا نجتاز ذلك الحاجز ذو اللونين ؟!

صانعة البهجة : أن نجد وطناً نسكنه , و يسكننا

هو : و ما هو الوطن يا عزيزتى ؟!

هو – مستطرداً - : تلك  المعابر المغلقة و ذلك التراب الذى لم يعد ملكا لن ؟!ا

صانعة البهجة : المكان الذي لا يمكننا إلا العيش داخله منذ أو ولدنا .. أدفأ مكان يمكن التواجد فيه ...

هو : نسعى بحثا عن الوطن , حتى و إن كلفنا ذلك عمرا فوق أعمارنا .

هو – مستكملاً ما بدأ بسؤال انتفضت له عيناه - : و لكن قد يكون الوطن بجوارنا طوال رحلة البحث عنه
لقد انتابنى الشك كثيرا حول من نحن

يمرر يداه على شعره الذى إمتلأ بتلك الشعيرات البيضاء متسائلا : من نحن ؟

صانعة البهجة - تجاوبه فى ثقة - : أوطان .. نحن أوطان
   
 هو : هل تعلمين أن وطنى لم يضع ضمن توقعاته لما يدور حوله أن يقابل وطنك ؟!

صانعة البهجة : لأن وطني يختلف عن وطنك ... ربما يشتركان في أرضهما الخصبة .. و في دفءهما .. لكنهما مختلفان .. قليلا ..

هو : و لم تتشابه الأوطان ؟!

يسأل مستهجنا : لتصبح مسوخا يا عزيزتى ؟!

صانعة البهجة – فى ثقة - : لا يمكن أن تتشابة ..  أنا أُشبع تساؤلك عن غفلة وطنك عن وطني فقط

هو : إذا فى إختلافها حكمة !!!

صانعة البهجة : مؤكد أن هناك حكمة .. لا يعلمها إلا خالق الأوطان

ربما الحكمة في ذلك أن يتحرر كلا منهما

هو : و يخلقان وطنا
 ...
صانعة البهجة – متسائلة -  : واحدا ؟

هو – مبتسما بخبث المنتصر فى مناظرة للرئاسة - : هل علمتى الأن لما يجب أن تختلف الأوطان
 !!!
صانعة البهجة – فى تساؤل - : لتلتقي ؟!

و الحدود يا عزيزي ؟! أين ستذهب ؟!

هو - يرد بإحدى شعاراته التى لا تمل هى من سماعها - : الحدود تراب ... النضال واحد

صانعة البهجة – بصوت يضيع فى الخلفية - : ربما ...

صانعة البهجة – تلك المرة جحظت عيناها - : و لكن .. كيف تُزال الحدود دون تصريح ؟!


يقاطعهما صوت كاميليا جبران مختلطاً بالعود قائلةً (وأولدُ في راحتيك جنيناً وأنمو وأنمو وأكبر )  
  
يبتسم فى هدوء ليجاوبها بثقة : التصريح هو الوحدة

هو – فى حدة لم تشهدها له من قبل - : عندما تتوحد الأوطان تسقط الحدود
.. 
صانعة البهجة – فى إبتسامة غرضها تهدئته - : تسقط الحدود و تصبح الأرض واحدة ... ترابها ملوّن .. ألوان ممتزجة
..
و ماذا لو أرادا الاستقلال يوماً ؟!
  
هو : يتوحد العلم ، النشيد

ألم يجد استقلاله من العالم هو وحدته ؟!

هو : ألم يكن يرى أنه بمزجه بوطن أخر هو خروج من الحدود ليرسم له حدودا أخرى
  
صانعة البهجة – فى هدوء تشوبه إبتسامة - : أَتُحب وطنك ؟؟؟

هو – مبتسماً فى ألم مختلطاً براحة - : برغم كل ما مر به ... أحبه
و ماذا عنك ؟!

صانعة البهجة – دون تردد - : أُحبه ...
  
هو – تظهر على ملامحه البهجة - : أراك تتبسمين بعد يوم عصيب

صانعة البهجة : ما دار بيننا انتزع تلك الإبتسامة

هو – ممسكاً بمعدته التى تصدر أصواتاً - : ماذا طهى وطنك لوطنى على العشاء أم سيعتصم وطنى أمام الأمم المتحدة مطالبا بمعونة لمعدته الفارغة ؟!
  
صانعة البهجة – ترد فى حدة صقر استعد للإنقضاض على فريسته - : أظن أنه يكفيه الحديث طعاماً .. أليس كذلك؟!

هو – يرد كممثل لمعدته فى الأمم المتحدة : دوما يقوم وطنك باللعب بالكلمات على أوتار يستمتع وطنى بها ... دوما ينتصر الساسة بكلماتهم و لكنك لست سياسية
و لكنك تنجحين دوما فى رفع يد وطنى موافقة على كلماتك
تسيطر عليهما الإبتسامة , و يتمعنا النظر فى بعضهما البعض

صانعة البهجة : أنا أعرف ذلك الوطن جيداً .. وطنك

هو : كيف تعرفينه يا عزيزتى ؟
!
ملامحه مبهمة .. حدوده متوترة ... مناخه يميل إلى درجات الحرارة ما دون الصفرية

صانعة البهجة : و لكني أعرفه .. أعرف أنه طيّب ..

و حاد .. و منظم قليلا .. و عشوائي كثيرا

و صالح أحيانا .. و غير صالح في آخرى ...

هو : أراك تسطرين تاريخ وطنى

صانعة البهجة : لأني أعرفه

و أخاف من تلك الأوطان .. أخاف منها و عليها


هو – فى خبث مصطنع - : كيف تعرفينه و أنت لم تزورينه مسبقا .؟!
لم الخوف ...

صانعة البهجة : لدي استشعاراً له و تمكناً منه

الخوف من تقلباتك يا عزيزي  .. فأنا لا اعلم على أي حالة ألقاك ..

هو – فى نظرة تأمل لها - : هل تعلمين يا عزيزتى

أن ذلك التقلب لك يدا كبيرة فيه ...

صانعة البهجة : حقاً ؟! كيف ؟

هو : أنك حررتى مقاطعات كثيرة فى وطنى ... أثرت العصيان المدنى فأنتفض الكل مقاوما

صانعة البهجة – بصوت فرح كإنتصار أبناء الضفة على دورية لجيش الإحتلال - : لأنني أحبه محرراً ..

هو : كما تريدين وطنك حرا

كما تقاوم و تقاتل مدنك الثائرة

أرأيت من قبل نقطة التقاء أوطاننا !!!

صانعة البهجة _ فى دهشة مما يقال – : أين التقيا ؟؟؟

هو : مدنهم ثائرة منتفضة

صانعة البهجة – بنبرة هادئة - : معك حق

 هما ثائران و دافئان أيضاً ..

هو – متنهداً - : و يبحثان عن الحياة .. تائهان و لكن لم يضلا الطريق

صانعة البهجة : مؤكد أن لهما من يسكنهما


هو : من يسكنهما ...  من سوف يفعل ذلك ؟!

مازالا يشاهدان انتفاضة و ثورة مدنهم ...

صانعة البهجة : أنا أحبهما ..

هو – فى نظرة تعمقت داخل عيناها - : و هما يبادلانك هذا الحب ...


يهدء صوتهما و يتزايد صوت ريم بنا فى الإرتفاع و هى تردد (بطيفك المسافر في صقيع ليلي ..تعالي إليّ أو خذيني إليك .. إلى ألف نجمة تتوسد عينيكى ) 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رؤية تحليلة لمشهد النهاية فى مسلسل كـفـر دلـهـاب

طب و بعدين ...

الانس و الجنس